أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأنصار في هذه البيعة لم يأخذه على غيرهم، ولذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرر أن يقوم بعمل ما قام به من قبل ذلك في تاريخ الدعوة بمكة، وهو إرسال سفير من الصحابة المكيين إلى أرض يثرب مع هؤلاء الاثني عشر أنصاريًا، حتى يمهد الأمر لقيام دولة إسلامية في هذا المكان، هذا السفير سيكون له مهام عظيمة، سيكون من مهامه أن يمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان، فما يريده الرسول صلى الله عليه وسلم من أهل يثرب سيأتي لهم عن طريق هذا السفير، لكنه ليس سفيرًا سلبيًا ينقل الرسائل فقط بل له مهام أخرى جليلة، عليه أن يكون صورة متحركة للإسلام قدوة للمسلمين وغير المسلمين، عليه أن يعلم المسلمين الإسلام، عليه أن يدعو إلى الإسلام أفرادًا جددًا، عليه أن يزيد من القاعدة الإسلامية في هذه البلد النائي حتى تصبح حمايتها معتمدة على أفرادها، رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يريد للمسلمين من أهل مكة إذا جاءوا إلى يثرب أن يعيشوا فيها كجالية أجنبية تعيش في بلد مضيف، لا يريد لهم وضعًا كوضع المهاجرين في الحبشة، المهاجرون في الحبشة، وإن كانوا قد أتيحت لهم حرية العبادة ونعمة الأمن، إلا أنهم شبه معزولين عن المجتمع النصراني الذي يسكن أرض الحبشة، يعيشون كأقلية محدودة تمكث في هذا المكان لفترة ما ثمُ سيكون الانصراف، أما الوضع الآن في يثرب فهو مختلف الرسول صلى الله عليه وسلم يخطط لإقامة دولته، ولا بد للدولة أن تعتمد على أبنائها لحمايتها، ولا بد أن تكون الحمية في أهل يثرب كالحمية في قلوب المسلمين في مكة، عليه أن يُمهد البلد نفسيا لاستقبال المهاجرين من المدينة والحبشة ومن أي مكان، عليه دراسة أحوال يثرب العسكرية والأمنية والاقتصادية* لأنه من المحتمل أن تصير دار الهجرة، ومن هنا كان الدور الجليل الخطير للسفير الذي سيرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا المكان ، فعليه مهمة التخطيط لإقامة دولة، وهي مهمة صعبة ولا شك، فممارسة الدعوة بين أناس تعرفهم وتعيش معهم وبينك وبينهم علاقات هو أمر مفهوم وميسور، لكن أن تدعو في مكان لا يعرفك فيه أحد ولم تزره قبل ذلك في حياتك ولا تعرف طباعه وتقاليده فهذا أمر عسير، بل إن هناك تباعدًا كبيرًا جدًا بين أصول الأوس والخزرج وأصول قريش، فقريش من أولاد عدنان والأوس والخزرج من أولاد قحطان وكل هذا يصعب من مهمة الداعية...
وهذا السفير الذي سيرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه أيضًا أن يرتفع بالمؤمنين إلى أعلى درجات الإيمان فلا يكفي فقط أن يقنع الناس بالارتباط بهذا الدين فما أكثر المرتبطين بهذا الدين ولا يعملون له! بل ما أكثر المرتبطين بهذا الدين ويعملون ضده ويحاربونه ويكيدون له! فمهمة السفير هذه ليست فقط في تكثير الأتباع، ولكن رفع مستواهم الإيماني والجهادي إلى أعلى درجة، فإن أعباء المستقبل ضخمة للغاية، ولن يحملها إلا أفذاذ الرجال، وهذا السفير الذي سيرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم لن يكون له سند من إخوانه المسلمين القدامى ولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على فترات متباعدة، فالمسافة بين مكة والمدينة تقترب من خمسمائة كيلومتر ولن تكون هناك فرصة للاستشارة في كل صغيرة وكبيرة ولذلك فإن هذا السفير لا بد أن تكون عنده حصيلة علمية ضخمة تكفيه في المكان النائي، ولا بد أن يكون من الرجال المستقرين نفسيًا الذين لا يحُبَطون بالمعاداة والتكذيب، ولا بد أن يكون من الرجال المخلصين جدًا الذين لا يستقطبون إلى غيرهم بإغراء من اغراءات الدنيا مهما عظم، ولا بد أن يكون هادئًا سهلًا لبقًا في كلامه دبلوماسيًا في حواره حتى يستوعب أهل يثرب ولا ينفرهم من الدعوة، ولا بد أن يكون متحمسًا لدعوته لا يكل ولا يمل* لأن الوقت الذي يمر عليه هناك في يثرب وقت ثمين، ففي كل لحظة تمر يعاني المسلمون في مكة من آلام جديدة، وكذلك المسلمون في الحبشة يعانون ألم الغربة، وكلما أسرع هذا السفير في مهمته كلما اقترب ميعاد النجاة من هذه الآلام.
وهذا السفير الذي سيرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه أيضًا أن يرتفع بالمؤمنين إلى أعلى درجات الإيمان فلا يكفي فقط أن يقنع الناس بالارتباط بهذا الدين فما أكثر المرتبطين بهذا الدين ولا يعملون له! بل ما أكثر المرتبطين بهذا الدين ويعملون ضده ويحاربونه ويكيدون له! فمهمة السفير هذه ليست فقط في تكثير الأتباع، ولكن رفع مستواهم الإيماني والجهادي إلى أعلى درجة، فإن أعباء المستقبل ضخمة للغاية، ولن يحملها إلا أفذاذ الرجال، وهذا السفير الذي سيرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم لن يكون له سند من إخوانه المسلمين القدامى ولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على فترات متباعدة، فالمسافة بين مكة والمدينة تقترب من خمسمائة كيلومتر ولن تكون هناك فرصة للاستشارة في كل صغيرة وكبيرة ولذلك فإن هذا السفير لا بد أن تكون عنده حصيلة علمية ضخمة تكفيه في المكان النائي، ولا بد أن يكون من الرجال المستقرين نفسيًا الذين لا يحُبَطون بالمعاداة والتكذيب، ولا بد أن يكون من الرجال المخلصين جدًا الذين لا يستقطبون إلى غيرهم بإغراء من اغراءات الدنيا مهما عظم، ولا بد أن يكون هادئًا سهلًا لبقًا في كلامه دبلوماسيًا في حواره حتى يستوعب أهل يثرب ولا ينفرهم من الدعوة، ولا بد أن يكون متحمسًا لدعوته لا يكل ولا يمل* لأن الوقت الذي يمر عليه هناك في يثرب وقت ثمين، ففي كل لحظة تمر يعاني المسلمون في مكة من آلام جديدة، وكذلك المسلمون في الحبشة يعانون ألم الغربة، وكلما أسرع هذا السفير في مهمته كلما اقترب ميعاد النجاة من هذه الآلام.