اقيل رئيس تحرير صحيفة الدستور المستقلة ابراهيم عيسى، المعروف بانتقاداته الحادة للنظام المصري من منصبه مساء الاثنين بعد رفضه منع مقال للمعارض الابرز في الوقت الراهن محمد البرادعي، فيما اكد مثقفون ومحللون ان القرار ياتي في سياق "عصف بهامش حرية الصحافة" في مصر.
وقال عيسى لوكالة فرانس برس ان المالكين الجديدين للصحيفة، وهما رجلا الاعمال سيد بدوي الذي يترأس حزب الوفد الليبرالي ورضا ادوارد، "ابلغاني في ساعة متأخرة مساء الاثنين بقرار اقالتي واوضحا ان القرار ابلغ رسميا للمجلس الاعلى للصحافة".
واضاف "ابلغت بقرار الاقالة بعد ساعات من اتصال بيني وبين ملاك الجريدة طلبا مني فيه منع نشر مقال للبرادعي يتناول حرب السادس من تشرين الاول/اكتوبر بمناسبة حلول ذكراها السابعة والثلاثين".
وتابع "اعترضت على عدم نشر المقال فطلبوا مني تأجيل النشر ليومين وبعد ساعات فوجئت بقرار الاقالة".
وكان بدوي وادوارد اشتريا صحيفة الدستور من مؤسسها وناشرها عصام اسماعيل فهمي قبل قرابة شهرين.
وقال موقع الصحيفة على شبكة الانترنت ان "صحفيي الجريدة دخلوا اعتصاما مفتوحا منذ مساء الاثنين 4 تشرين الاول/اكتوبر بمقر الجريدة احتجاجا على قرار مجلس ادارة الجريدة باقالة الزميل ابراهيم عيسى من رئاسة التحرير".
واكد الموقع ان "صحفيي الجريدة قد فوجئوا بالقرار"، خصوصا بعد "تعهد الملاك الجدد للجريدة بالحفاظ على منهجها التحريري وتوجهها المستقل".
وقال صحافيون معتصمون في مقر الجريدة لوكالة فرانس برس ان رئيس مجلس الادارة التنفيذي للصحيفة رضا ادوارد توجه الى مقر الجريدة في الواحدة صباحا وطلب منهم فض الاعتصام وعندما رفضوا طلب من اشخاص اصطحبهم معه تفكيك كل اجهزة الكمبيوتر التي تستخدم في اعداد الجريدة للطبع ونقلها من مقر الصحيفة الى مكان لا يعلمونه.
واكدوا انهم لا يعرفون كيف ستصدر الدستور غدا في ظل هذه الاوضاع.
ويأتي هذا القرار في سياق قيود متتالية على وسائل الاعلام المصرية، بحسب المثقفين والمحللين.
وكان تم وقف بث برنامج "القاهرة اليوم" الذي كان يقدمه المذيع المعروف عمرو اديب يوميا على قناة اوربت الفضائية من استوديوهات وزارة الاعلام المصرية، وكذلك برنامج "بلدي بالعربي" الذي كان يقدمة ابراهيم عيسى على قناة اون تي في المملوكة لرجل الاعمال نجيب ساويرس، وذلك اثر توجيههما انتقادات لسياسات النظام المصري وشخصيات مهمة فيه.
وقال الروائي علاء الاسواني، صاحب رواية "عمارة يعقوبيان" الشهيرة والذي كان يكتب مقالا اسبوعيا في جريدة الشروق المستقلة لوكالة فرانس برس، انه اعتذر عن الكتابة في الصحيفة بعد ان تعرض مالكها لضغوط شديدة، معتبرا ان "هناك حالة من العصف بالهامش الضئيل من حرية الصحافة الذي كان موجودا".
واوضح انه "اعتذر عن الكتابة لمدة اسبوعين في هذه الصحيفة بعد تعرض مالكها (الناشر ابراهيم المعلم صاحب دار الشروق) لضغوط جبارة من اجل تخفيف النقد للنظام وعدم نشر مقالات الكتاب الذين يطالبون بالتغيير"، موضحا انه "تم اغلاق مصنع كرتون مملوك لصاحب الجريدة مرتين وتراجعت بعض البنوك عن تمويل بعض انشطته".
وتابع "تم ابلاغي ان هناك ضغوطا قوية بسبب مقالاتي وان مكالمات من مسؤولين في اجهزة الامن تنهال على ادارة الصحيفة بعد نشر كل مقال ووجدت ان موقفي محرج بعد التنكيل بالرجل فقررت ان امتنع عن الكتابة".
واضاف "كنت قد اتفقت مع ابراهيم عيسى على كتابة مقال اسبوعي في الدستور قبل نصف ساعة فقط من قرار اقالته".
واعتبر الروائي المصري ان "النظام يستعمل طريقة (رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو) برلوسكوني في تكميم الافواه، وهي طريقة معروفة وتتمثل في ان تدفع ببعض رجال الاعمال الذين يعملون لحساب النظام اصلا ويندفعون لشراء وسائل الاعلام المستقلة باي طريقة وباي ثمن، وبعد ذلك يتم طرد الكتاب المستقلين الذين يطالبون بالديموقراطية".
وتابع ان "اقالة ابراهيم عيسى تدل على ان صاحب الجريدة على اتفاق تام مع اجهزة الامن ان لم يكن مدفوعا منها لشراء +الدستور+، لان النظام متوتر فهو يريد ان يدفع بجمال مبارك (نجل الرئيس المصري حسني مبارك) ليرث والده، وداخل السلطة نفسها هناك من يقف ضد هذا الخيار لذلك فان اي نقد اصبح فوق طاقته".
وقال المحلل السياسي في مركز الاهرام للدراسات السياسية ضياء رشوان ان "ما حدث مع عمرو اديب وابراهيم عيسى مرتبط بانتخابات مجلس الشعب المقبلة والهدف الاكيد هو اسكات اصوات مستقلة ونقدية كان من المتوقع ان تكشف اي خروقات في الانتخابات" المقرر اجراؤها نهاية تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.