مقابلة تلفزيونية ساخنة .. عجلت برحيل احمد شفيق |
القاهرة
: لم يكن يعلم رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق أن ظهوره الأول على فضائية
«أون تي في» سيكون الأخير له كرئيس للوزراء، بعدما أعلن أمس المجلس الأعلى
للقوات المسلحة بمصر في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أنه
قبل استقالة شفيق، التي لم يعرف على وجه اليقين إن كان قد تقدم بها فور
انتهاء الحلقة أم في صباح اليوم التالي، وكلف وزير النقل الأسبق عصام شرف
بتشكيل الحكومة الجديدة، ليصبح بذلك أحمد شفيق أول رئيس وزراء في العالم
تقبل استقالته عبر موقع «فيس بوك»! وكان من المفترض أن يتم تنظيم مليونية
جديدة اليوم لإقالة شفيق لكن ظهوره على فضائية «أون تي في» التي يمتلكها
رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس عجل من الإطاحة بشفيق من الحكومة.
وقالت
مصادر في قناة «أون تي في» إنه لم يكن مقررا أن يظهر شفيق مع الأديب علاء
الأسواني والإعلامي حمدي قنديل وكان سيقتصر الأمر على ظهوره مع الدكتور
أحمد كمال أبو المجد والدكتور عمرو حمزاوي، لكن شفيق طلب في إحدى
الاستراحات الإعلانية انضمام قنديل والأسواني لكن المسؤولين عن القناة
أخبروه أن الاثنين كانا سيظهران مع الإعلامي يسري فودة في برنامجه «آخر
كلام» للتعليق على حديثه فطلب حضوره وقال: «لماذا لا يأتون للانضمام لنا».
وقالت
المصادر «وقتها سرت همهمات داخل استوديو التنفيذ؛ إذ توقع الجميع أن تكون
الحلقة بمثابة مجزرة على الهواء لما هو معروف عن الأسواني وقنديل من
عدائهما للنظام السابق وكل أعوانه، فضلا عن موقف ريم ماجد مقدمة البرنامج
نفسها التي شاركت في الثورة ووجهت لها انتقادات عدة كونها غير حيادية حتى
في هجومها على النظام.
من
جانبه، قال الإعلامي حمدي قنديل في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر
أن استقالة شفيق كانت نتيجة طبيعية»، مشيرا إلى أن الأيام الأخيرة شهدت
تمهيدا للرأي العام. وأضاف أن المجلس العسكري بقدر تشبثه بشفيق، فإنه كانت
هناك علامات في الأيام الأخيرة على تقبل فكرة مناقشة الأمر. وتابع قائلا:
«كانت هناك إيماءات وتلميحات في اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع
موسى والبرادعي، لكن في النهاية ضغط الرأي العام كان في الأساس هو المحرك».
واعتبر
قنديل أن «الحلقة كانت نقطة الحسم، حتى إنها أثرت في أحمد شفيق شخصيا الذي
بدا متأثرا للغاية، وأعتقد أنه هو من بادر باتخاذ هذا القرار». وقال:
«شفيق هوجم بلا رحمة.. هناك بعض القسوة مورست ضده».
وبدت
الحلقة وكأنها آخر ثلاث ساعات لرئيس الحكومة في منصبه؛ إذ وجه إليه
الأسواني هجوما شديدا أكثر من مرة، وزاد بعد سؤال ريم ماجد لشفيق: «إلى
متى ستستمر الحكومة؟»، ورد شفيق: «مش معروف الحكومة دي هتمشى إمتى.. فيه
(بروجرام) شغال، منين ما يتنفذ، الحكومة هتمشى».
ووجدها
الأسواني فرصة سانحة لينقض على شفيق باعتباره أحد رموز نظام مبارك، متعجبا
من تأكيد شفيق على إصراره على الحفاظ على الثورة ومكتسباتها، لكن شفيق سعى
جاهدا إلى نفي صلته بالحزب الوطني كما نفى أن علاقته بمبارك هي سبب نجاحه،
لكن الأسواني أكد أن شفيق لا يصلح لتولي منصب رئيس الوزراء. فاشتعلت
المشاجرة الأولى، وغضب شفيق وقال للأسواني: «إنت مش فاهم حاجة»، فرد عليه
الأسواني: «إنت اللي مش فاهم حاجة. إنت وزير سياسي وليس وزير تكنوقراط».
ولم
تفلح جهود ريم ماجد ويسري فودة في السيطرة على «الخناقة» التي احتدمت أكثر
من مرة، لكن أكثرها سخونة كانت تلك التي وقعت في الثانية من فجر أمس،
عندما قال شفيق للأسواني، «متلبسش الوطنية أكتر مني.. أنا وطني أكتر منك..
أنا حاربت وقتلت وليا خلفية وطنية»، ورد الأسواني: «مينفعش تقولي ألبس دور
الوطنية.. أنا مواطن مصري ومن حقي أسألك».
عندها
كاد الأمر يتحول إلى اشتباك بالأيدي وقام يسري فودة من على كرسيه لتهدئة
الأسواني وبعد محاولات مضنية من جانبه ومن جانب ريم ماجد استطاعا أن
يسيطرا على الوضع بصعوبة، ووجه حمدي قنديل سؤلا للخروج بالحوار من حالة
التربص عندما سأله عن مرشح مصر في الجامعة العربية، في محاولة منه للعب
دور الوسيط للحفاظ على الهدوء، وأجاب شفيق بتوتر شديد ووصل الأمر إلى
جلوسه على طرف كرسيه وبدأ يتلعثم أثناء الإجابة عن سؤال قنديل، وبعدها
خرجت ريم ماجد بالحوار إلى منطقة أخرى غير تلك التي فجرت حقل الألغام
الممتد بين الأسواني وشفيق بالسؤال عن الانتخاب بالرقم القومي.
بعدها
اختتم المذيعان الحوار بشكر شفيق وبدا كأنه توديع له على الهواء، وخرج
شفيق من الاستوديو ليقابل بعاصفة من التصفيق من جانب العاملين في القناة،
بدت كأنها تعاطف مع الرجل الذي كان خروجه من الاستوديو إعلانا بخروجه من
الحكومة.
ورغم
ذلك، فإن الحلقة لم تخل من القفشات؛ إذ تساءلت المذيعة ريم ماجد عن أسباب
عدم ارتداء شفيق للبلوفر الشهير الذي اعتاد الظهور به على القنوات
التلفزيونية، وألقت له بدعابة نقلتها عن موقع «تويتر» بأن الكل يتساءل عن
سبب عدم ظهوره بالبلوفر وقدومه بالبدلة.
من
جانبه، قال ألبرت شفيق رئيس قناة «أون تي في»: «لم أكن أتوقع هذه
النتيجة»، نافيا أن تكون هناك مصيدة نصبت لشفيق. وقال: «هذه هي برامج
الهواء، لا يمكن السيطرة على ردود فعل الضيوف». وأضاف قائلا في تصريحات
لـ«الشرق الأوسط»: «ليس دور القناة القيام بعمل مصيدة، ودوري مثل أي إعلام
حر أن ينقل نبض الشارع»، معتبرا أن الاستقالة كانت مطلب شارع وما ساهمت
فيه القناة هو تسريع الاستجابة لهذا المطلب.
من
جانبها، قالت ريم ماجد مقدمة البرنامج لم أكن أتوقع أن الاستقالة ستكون
بهذه السرعة رغم شعوري أكثر من مرة بأن شفيق سيتقدم بها على الهواء.
رفضت
ماجد اتهامات ضدها بأنها كان نقطة الارتكاز في الهجوم على شفيق، وقالت:
«أحيانا ألعب دور محامي الشيطان، لكن هذا يعني أنني أقوم بنقل وجهة نظر
الطرف الآخر غير الموجود وأطرحها على الطرف الموجود، وهذا ما حدث. كل
الأسئلة التي طرحتها كانت تجول في خاطر الكل وأحتاج إجابة عنها». وأضافت:
«أنا لا أتحمل مواقف ضيوفي تجاه بعضهم بعضا، فلكل منهم رأيه وأنا لا أصادر
عليه».
وقالت
ماجد: «تعاطفت إنسانيا معه كونه الشخص غير المناسب وعاجز عن اتخاذ موقف،
واستخدم الدفاع بلا حجة أو منطق». واعتبرت ماجد التي شاركت بقوة في
المظاهرات ورأى البعض أنها كانت من أكثر المذيعين تطرفا في تأييد الثورة،
أن سقوط شفيق لا يعني تحقيق كل مطالب الثورة، بل مطلب من مطالب الثورة
تحقق وقالت: «لا يمكننا أن نقول إن الثورة نجحت إلا عندما تتحقق كل
الأهداف، فربط نجاح الثورة بسقوط أشخاص أمر غير صحيح». وعبرت عن سعادتها
إزاء تنامي دور الإعلام وتأثيره في الأحداث، وقالت: «الإعلام أصبح مؤثرا
إلى حد كبير في الأحداث».
وعمت
حالة من الفرح والارتياح أوساط المحتشدين بميدان التحرير وسط القاهرة، عقب
الإعلان عن قبول استقالة شفيق، وتكليف شرف بتشكيل الوزارة الجديدة. ودعا
شباب الثورة إلى احتفالية مليونية اليوم في ميدان التحرير احتفالا بسقوط
شفيق.
الفريق أحمد شفيق - علاء الأسواني - حمدي قنديل