كاتب اميركي : واشنطن متخوفة من انهيار الاسد |
واشنطن :نشرت صحيفة "ذي واشنطن بوست" الأميركية اليوم الاثنين مقالا للكاتب جاكسون ديل عن الاحتجاجات التي تشهدها سورية وقيام النظام بقمعها بالقوة المسلحة، يبحث فيه اسباب بطء تصرف الغرب ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد. يقول ديل ان "حمامات الدم انهت فكرة الاسد الاصلاحي". وهنا نص المقال: "كانت إدارة أوباما ومعظم حلفائها الأوروبيين يترددون باستمرار في الوقوف إلى جانب الثورات العربية. لكن هذا العجز لم يبد أكثر وضوحا واقل تبريرا منه في سوريا. لنبدأ ببعض الحقائق. حدثت أول مظاهرة خارج المسجد الأموي في دمشق في الخامس عشر من آذار (مارس) تحت شعار: "الله، حرية، سوريا وبس". وانتشرت الاضطرابات بعد ذلك إلى مدينة درعا الجنوبية، وفي كل يوم جمعة منذ ذلك الحين أصبحت تتزايد. خرج مئات الآلاف إلى الشوارع في معظم المدن والبلدات عبر سوريا. ورد النظام منذ البداية بوحشية تحاكي ما يفعله نظام معمر القذافي في ليبيا. في الثالث والعشرين من آذار (مارس)، أطلقت قوات الأمن النار على الحشود في درعا. ووقع إطلاق النار العشوائي على المتظاهرين السلميين كل بضعة أيام منذ ذلك التاريخ. ونقلت انباء عن مقتل أكثر من 700 سوري. واعتقل نحو 10 آلاف، اختفى منهم المئات. الرد الغربي: بعد أربعة أيام من إطلاق النار العشوائي، وصفت هيلاري كلينتون الرئيس السوري بشار الأسد بأنه "إصلاحي". وجاءت أولى العقوبات الأميركية الضعيفة في التاسع والعشرين من نيسان (ابريل) – بعد 45 يوما من تلك الدعوة الأولى للحرية. ويوم الجمعة، بينما وجهت قوات الجيش الأسلحة الرشاشة الثقيلة والمدفعية تجاه المتظاهرين، حذت أوروبا أخيرا حذو الولايات المتحدة. وهدد بيان صادر عن البيت الأبيض باتخاذ إجراءات إضافية، لكنه أضاف أن ذلك يعتمد على تصرفات النظام- كما لو أنه لم يفعل ما يكفي حتى الآن. ولعل الأهم هو أن أوباما لم يقل عن الأسد بعد ما قاله عن القذافي وحسني مبارك – أن عليه أن يرحل. هل سوريا أقل أهمية من ليبيا؟ على العكس: يتفق الخبراء الإقليميون أن دمشق نقطة محورية في الشرق الأوسط العربي. وإذا انهار نظام الأسد، ستفقد إيران أقرب حلفائها وجسرها إلى حزب الله في لبنان و"حماس" في غزة. وسيسقط ظل الامبراطورية الإيرانية، وستكون الديكتاتورية في طهران في خطر داهم. لم يطالب أحد في سوريا بالتدخل العسكري على غرار ما تم في ليبيا، ولن يكون أي شيء آخر يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة وأوروبا حاسما على الأرجح. لكن لماذا يكون رد الفعل ضئيلا وبطيئا بهذا الشكل؟ تخميني هو أن السياسة الأميركية في سوريا مقيدة ببعض العوامل التي أدت إلى إبطاء ردة الفعل تجاه كل الثورات العربية. أولا، هناك تردد في وضع كافة الأفكار التقليدية بشأن السياسة العربية جانبا، وليس هناك إيمان في إمكانية التغيير الثوري. وثمة قلق بشأن ما يمكن ان يتبع انهيار الديكتاتورية. إضافة إلى عدم الرغبة في مواجهة الحلفاء الإقليميين الذين تورطوا في الوضع القائم. لقد فرزت بعضا من هذه المعيقات الأسبوع الماضي مع أسامة المنجد، المتحدث الحيوي باسم المبادرة الوطنية للتغيير، وهي تجمع للناشطين السوريين عبر الانترنت داخل البلاد وخارجها. وبدأت الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في سوريا في مدينة درعا يوم 18 اذار (مارس) وانتشرت يوم الجمعة في أنحاء منطقة حوران وهي منطقة زراعية استراتيجية متاخمة للأردن من الجنوب وهضبة الجولان التي تحتلها اسرائيل من الغرب. وفي الجنوب دخلت دبابات عدة بلدات امس الاحد. وقال ناشط مدافع عن حقوق الانسان في منطقة سهول حوران ان رجلا قتل عندما اقتحمت قوات الامن منزله في بلدة طفس الجنوبية. والمشكلة الأولى كما يرى هي أن الولايات المتحدة "لا تملك سياسة خاصة بسوريا. بل سياسة للسلام في الشرق الأوسط، وليست سياسة متخصصة بالشأن السوري". وهو محق بالطبع. فقد كانت سياسة إدارة أوباما بـ"الارتباط" مع سوريا ترتكز على الحصول على نتائج في دول أخرى: السلام لإسرائيل، الاستقرار في لبنان، عزل إيران. وأحد أسباب ترددها في التخلي عن الأسد هو أن ذلك يعني التخلي عن عقلية تعتبر أن الأسد قادر على تحقيق هذه الإنجازات. وقد أنهى حمام الدم الذي حدث في الأسابيع الأخيرة فكرة "الأسد الإصلاحي". لكن يبقى الخوف ممن يمكن أن يخلفه. وقد لخص مقال إخباري في هذه الصحيفة الأسبوع الماضي ما يعتبره البعض بديهيا، مشددا على أن انهيار النظام "سيطلق العنان لكارثة من الفوضى والعنف والتطرف". ويتساءل المنجد بمنطقية: أين الدليل على ذلك؟ حتى الآن ليست هناك "نزعة طائفية" في المظاهرات – على العكس، فقد أكدت الشعارات التي أطلقها المتظاهرون على الوحدة الوطنية في سوريا. ولم يظهر أي انتحاريون من تنظيم القاعدة- فقط طلاب شباب وعمال يطالبون كغيرهم في الشرق الأوسط بالدخول إلى القرن الحادي والعشرين. ويقول المنجد: "الجانب الوحيد الذي يتحدث عن الصراع الطائفي هو النظام، ويعلم الناس في الشوارع أن هذا فخ – وهم مصرون على عدم الوقوع في هذا الفخ". أخيرا، هناك الجيران الذين تتوافق سياسة أوباما مع مواقفهم – السعودية، تركيا وإسرائيل. لكن في البلدين الأخيرين على الأقل، كان هناك تحول خلال الأسابيع الماضية. وثمة إدراك يبزغ بأن نظام الأسد قد لا يبقى- وأنه إذا بقي، فإنه سيكون ضعيفا لدرجة خطيرة. وقال المنجد: "ما آمله هو أن تتعلم واشنطن ما يدركه حتى الإسرائيليون، أن (الأسد) سيرحل، لذا سيكون من الأفضل للمستقبل إظهار بعض المؤشرات الى دعم الشعب السوري. نعتقد أنه في الساعات الاربع والعشرين الأخيرة قبل النهاية، ستغير واشنطن موقفها أخيرا". أن يحدث ذلك متأخرا خير من ألا يحدث ابدا". |