إن كنت من النساء اللواتي خفتت همتهن في إجراء التمارين الرياضية، فإن النتائج التي توصلت إليها أربع دراسات حديثة تبدو مشجعة لإجرائها.
وكانت أبحاث متنوعة قد أفادت بأن المستويات العالية من النشاط البدني يمكنها المساعدة في درء حدوث، أو تخفيف، الكثير من الحالات المرضية التي تؤدي إلى الحد من أداء الشخص لوظائفه، وإلى إعاقة استقلاليته الشخصية مع التقدم في العمر، ومنها أمراض القلب والسكتة الدماغية والسرطان والسكري وهشاشة العظام والكآبة.
كما ربطت أبحاث أخرى بين إجراء تمارين متنوعة وخفض مخاطر حدوث العته أو مرض الزهايمر.
والآن، تقدم أربع دراسات، اثنتان منها كانتا من التجارب العشوائية، دعمتا أكثر الدلائل القائلة بأن التمارين المنتظمة قد تكون أفضل الأمور لكي تبقى النساء صحيحات الجسم، وأيضا أفضل من صاحبات الذهن الحاد، عند الشيخوخة.
بل تفترض تجربة واحدة من التجربتين أن التمارين تساعد في قلب حالة الضعف التي تنتاب الإدراك في البداية، لدى النساء المتقدمات في العمر، أي أن التمارين تقلب الأمور وتعيد المخ إلى حالته الجيدة الأولى.
ونشرت نتائج أول ثلاث دراسات في 25 يناير 2010 في مجلة «أرشيفات الطب الباطني». وفي الدراسة الأولى حلل باحثون في جامعة هارفارد بيانات صحية استقيت من أكثر من 13 ألف امرأة شاركن في «دراسة صحة الممرضات» Nurses Health Study الطويلة المدى.
ووجدوا أن النساء عند أعمار 60 سنة، اللواتي قلن إنهن يمارسن الرياضة بانتظام، يزداد احتمال أن يصبحن، على الأكثر، من «الناجيات الناجحات» من المشكلات بمعدل مرتين مقارنة بالأخريات من النساء اللواتي لا يمارسن الرياضة (وقد عرف الباحثون تعبير «الناجية الناجحة» بأنها المرأة التي تعيش إلى ما بعد عمر 70 سنة من دون أن تظهر عليها أي علامات على معوقات إدراكية، أو بدنية، أو معوقات في الصحة العقلية، أو أي من الـ10 أمراض المزمنة الرئيسية التي تشمل فيما تشمل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية).
وكانت «النجاة الناجحة» ترتبط بمستوى من التمارين الرياضية يعادل المشي بسرعة لما بين خمس وست ساعات في الأسبوع.
الرياضة والمخ
وفي الدراسة الثانية قسم باحثون كنديون عشوائيا، 155 امرأة بين أعمار 65 و75 سنة في برنامجين: الأول لمدة أسبوع، والآخر لمدة أسبوعين، لتمارين القوة الرياضية المتزايدة، استخدمت فيها الأثقال الحرة والآلات الرياضية الحاوية للأثقال، وفي مجموعة ثالثة للمراقبة قامت بإجراء تمارين للرشاقة والتوازن مرتين في الأسبوع.
وبعد مرور سنة واحدة، وبعد إجراء اختبار على قدرة الوظيفة التنفيذية للعقل، ظهر تحسن في الأداء لدى النساء اللواتي أجرين تمارين القوة.
وتتجسد في الوظيفة التنفيذية للعقل الأفكار العليا المطلوبة للتنظيم، والتخطيط، واتخاذ القرارات من قبل الإنسان.
وأظهرت الاختبارات في هذه الدراسة تحسنا في عدد من الجوانب، خصوصا في مجال الانتباه المحدد، وكذلك في مجال حل المشكلات.
وهذان المجالان كانا يرتبطان بدورهما بتحسن في سرعة المشي (وهي أحد العوامل المؤثرة على مخاطر السقوط وكسر العظام). ولم يحدث مثل هذا التحسن في المجالين المذكورين، لدى المشاركات في مجموعة المراقبة.
وكانت دراسات سابقة قد عثرت على صلات بين تمارين الآيروبيك وتحسن في الوظيفة التنفيذية لدى كبار السن. ويعتقد أن هذه الفوائد الإدراكية تتحقق بفضل التحسن في تدفق الدم نحو المخ. إلا أنه ليس من الواضح بعد كيف تحقق تمارين القوة تلك الفوائد نفسها.
وفي دراسة أخرى على تأثير التمارين الرياضية على الإدراك، رصد باحثون حالات 3903 من النساء والرجال في مقاطعة بافاريا الألمانية كانت أعمارهم 55 سنة فأكثر، على مدى سنتين.
ووجدوا أن المشاركين الذين قالوا إنهم يمارسون تمارين معتدلة (أقل من ثلاث مرات في الأسبوع)، أو تمارين عالية (ثلاثة تمارين أو أكثر في الأسبوع) عند بداية الدراسة، كانوا يتعرضون أقل بالنصف إلى خطر الإصابة بالعته، مقارنة بالآخرين الذين لم يكونوا يمارسون التمارين الرياضية.
تمارين الآيروبيك
أما الدراسة الرابعة التي نشرت في يناير 2010 في مجلة «أرشيفات علوم الأعصاب»، فقد دققت في تأثيرات تمارين الآيروبيك المكثفة على ضعف الإدراك الخفيفmild cognitive impairment (MCI) - وهو مرحلة انتقالية تقع بين مرحلة التغيرات في الإدراك الناجمة عن تقدم العمر، ومرحلة العته.
وظهر أن المصابين بضعف الإدراك الخفيف كانوا معرضين 10 مرات أكثر لظهور العته لديهم مقارنة بالأشخاص من ذوي الإدراك الطبيعي.
وفي الدراسة التي أجراها باحثون في مدينة سياتل، وزعت عشوائيا 33 امرأة ورجلا مصابين بضعف الإدراك الخفيف (متوسط أعمارهم 70 سنة)، أما في مجموعة لتمارين الآيروبيك المكثفة أجريت لفترة 45 إلى 60 دقيقة، أربعة أيام في الأسبوع، أو في مجموعة مراقبة لتمارين الاستطالة، فقد تم إخضاع المشاركين إلى اختبارات نفسية واختبارات على الإدراك قبل، وأثناء، وبعد التجارب التي استغرقت 6 أشهر.
وأظهرت الدراسة عموما أن تمارين الآيروبيك كان لها دور كبير في تحسن الإدراك مقارنة بدور التمارين التي أجراها المشاركون في مجموعة المراقبة.
وأظهرت النساء تحسنا في كل المقاييس الخاصة بالوظيفة التنفيذية للعقل، بينما لم يظهر التحسن لدى الرجال إلا في مقياس واحد فقط للوظيفة التنفيذية