دمشق:
في أول خطاب له منذ بدء الاحتجاجات الشعبية الغير مسبوقة في سوريا، أكد الرئيس
بشار الاسد الاربعاء ان بلاده تتعرض لمؤامرة كبيرة تعتمد بشكل كبير على الاحداث
التي تشهدها الدول العربية حاليا، في اشارة ضمنية الى احتجاجات مصر وتونس وليبيا
واليمن .
ووصل الاسد الى مجلس الشعب وسط تصفيق حار من قبل
النواب مرددين هتافات " بالروح بالدم نفديك يابشار".
وأكد الاسد "ان كلمته اليوم حول الظروف التي تمر بها
منطقتنا وسوريا "لحظة استثنائية" بفعل المؤمرات التي تحاك بهذا البلد والتي
ننجح في مواجهتها كل مرة وتزيدنا أسرارا على مواجهة المحن"، مشيرا الى انه تأخر في
القاء كلمته عمدا حتى تتضح الصورة كاملة.
وأعرب الأسد عن أسفه تجاه سقوط عدد من الضحايا جراء
الأحداث العنيفة التي حدثت في درعا واللاذقية، مشيرا الى أن مسئوليته هي الحفاظ على
أمن الوطن والاستقرار.
وأضاف: "نعترف لاعدائنا بذكائهم في الأساليب التي
ينتهجوها لضرب أمن سوريا ولكن نؤكد على غبائهم باختيار البلد التي يضرب فيها وحدة
الشعب"، مشيرا في الوقت ذاته الى أن كل من خرجوا الى الشارع ليسوا متأمرين والسلطات
لم تفهم ما يحدث الا عندما بدأت عمليات التخريب.
وأوضح أن المنطقة العربية تشهد تحولات خطيرة، مشيرا
الى أن سوريا جزء من هذه المنطقة وان التحولات ستؤثر على ما هو أبعد من المنطقة
العربية.
وشدد
على أن التحولات العربية هي تحولات لتجاه البصلة الشعبية العربية تجاه القضية
الفلسطينية، مشيرا الى أنه يتوقع أن يتحول العالم العربي من التنازلات بخصوص قضية
العرب الرئيسية الى التمسك بالحقوق العربية فيما يتعلق بالقضية
الفلسطينية.
وأكد أن سياسة سوريا الداخلية قامت على تطوير الوضع
الداخلي، مشيرا الى أن هناك عدد من الأمور تم تحقيقها وعدد آخر لم تتمكن الحكومة من
التوفيق فيه.
ونفى أن يكون ما يحدث في العالم العربي راجع الى
المؤامرات الخارجية، مشيرا الى أن المؤامرات لعبت دورا كبيرا في
المنطقة.
واكد أن سوريا تتعرض لمؤامرة كبيرة، مشيرا الى أن
هناك تحركات شعبية يصفها الأعداء بانه "ثورة".
وقال: "أن الاعداء نجحوا في الربط بين ثلاثة عناصر
المتمثلة في الفتنة والإصلاح والحاجات اليومية"، مشيرا الى أن الشعب السوري دعاة
إصلاح".
واعترف بأن هناك الكثير من الحاجات للشعب السوري لم
تلب، مشيرا الى أن ذلك هو ما دفع الشعب السوري الى الخروج في
المظاهرات.
وأشار الى أن ليس كل من خرج هو متأمر، مشيرا الى أن
هناك بعض من خرج تم التغرير بهم واستدراجهم الى لعبة المؤامرة.
واستدرج: "ولكن الشعب السوري سرعان ما اكتشف تلك
المؤامرات من خلال غبائهم بالإعلان عن تخريب بعض المواقع قبل تخريبها بساعة كاملة"،
مشيرا الى أن ذلك ما أدى الى سرعة تدارج الأمر شعبيا قبل
رسميا.
ونوه الى أنه يتحدث في التفصيل لكي يكون الأمر جليا
أمام الجميع رغم تلقيه النصيحة من الكثيرين بعدم التحدث في
التفاصيل.
واتهم من وصفهم بالأعداء بأنهم زوروا كل شيء ، مشيرا
الى أن ذلك لن يتم من قبل الصدفة.
وعن محور الطائفي، كشف وجود رسالات نصية على الهاتف
المحمول لتحرض الطوائف على البعض، مشيرا الى أنهم عززوا ذلك من خلال إرسال ملثمين
لضرب الطوائف بعضهم ببعض.
وأشار الى أن مؤامراتهم ركزت على محافظة درعا بسبب
كونها محافظة حدودية، مشيرا الى أن درعا رغم أنه حدودية إلا أنها في قلب سوريا،
نافيا أن يكون أهل درعا يحملون مسئولية ما حدث وإنما يحملون مسئولية مكافحة الفتنة
مع النظام السوري وباقي الشعب السوري.
واكد الاسد ان "أهل درعا هم اهل النخوة والشهامة
والكرامة وهم من سيقومون بتطويق القلة التي ارادت التدمير" ، مشيرا الى ان "الدماء
التي سقطت هي دماء سورية ولابد من التحقيق ومحاسبة المتسببين والدماء الذي نزف من
اجل وحدة الوطن وليس من اجل تفريقهم".
ويأتي خطاب الأسد عقب أسبوعين من الاحتجاجات الشعبية
المطالبة بالديمقراطية في سوريا والتي قتل فيها أكثر من ستين شخصا، وكان أشدها في
مدينة درعا.
ويجري العمل بحالة الطوارئ منذ العام 1963، لدى
استيلاء حزب البعث الحاكم على السلطة، ويمنح قانون الطوارئ قوات الأمن صلاحيات
واسعة للاعتقال والاحتجاز.
وكان الرئيس السوري بشار الاسد قد وافق الثلاثاء على
استقالة حكومة رئيس الوزراء محمود ناجي عطري، وكلفها بتسيير الأعمال لحين تشكيل
حكومة جديدة.
ويذكر أن عطري شكل حكومته عام 2003، وأجرى تعديلا
عليها عام 2009.
وينظر البعض إلى استقالة الحكومة على أنه مجرد إجراء
تجميلي لأن سلطاتها في البلاد محدودة حيث تتركز معظم السلطة في أيدي الأسد وبعض
أفراد أسرته وجهاز أمنه.
وكانت قد خرجت امس الثلاثاء مسيرات في العاصمة دمشق
ومدن كبيرة أخرى شارك فيها الآلاف تأييدا للرئيس بشار الأسد الذي واجه أشد أزمة
محلية لحكمة منذ تولى منصب الرئاسة في سوريا خلفا لوالده حافظ الأسد الذي توفي عام
2000.
وتوجهت مسيرات العاصمة الى وسطها حيث ردد المشاركون
فيها شعار "الشعب يريد بشار الأسد".
وقال أحد المشاركين في المظاهرة لوكالة
الأنباء الفرنسية "نحن هنا لإحباط المؤامرة التي تستهدف الوحدة
السورية".
وقد شهدت سوريا أعمال احتجاج منذ منتصف شهر مارس/ آذار
تطالب بالحريات والإصلاحات السياسية، مما وضع الرئيس السوري تحت ضغوط غير
مسبوقة.
وكانت السلطات السورية قد أعلنت قبل أيام عزمها إلغاء
حالة الطوارئ، ولكن محللين يقولون انه من المبكر التكهن بماهية الخطوات العملية
التي ستتخذها السلطات.
كما أعلنت أيضا عزمها سن قوانين لتحرير الإعلام ونشاط
الأحزاب السياسية إضافة إلى عدد من إجراءات مكافحة
الفساد.