5- قصة حياة مايكل جاكسون: قال لنا " بيريغوردن" : انتم ستدخلون تاريخ الغناء من اوسع الابواب! |
الحلقة الخامسة عندما اقتربنا من البيت سمعت اخي " مارلون" يصرخ طالبا اغلاق الباب وكان باب الميني باص مفتوحا على مصراعيه وارتجفت وانا افكر في البرد الذي يمكن ان اتعرض له في الطريق الطويل الى ديترويت وكان مارلون قد سبقنا الى البيت وراح يساعد جاكي في تحميل الباص بأمتعتنا والواقع ان جاكي كانت تنتظره مباراة في كرة السلة وينبغي عليه ان يتدرب قبل الدخول فيها وكان ابي حريصا على ان نجيد اشياء كثيرة وليس فقط الموسيقى لذلك كان يرعى كافة انشطتنا بنفسه ويدقق في في كل شيء بأكثر مما يفعل المدرسون في المدرسة . وجاءت امي بالسندويشات التي اعدتها لنا وبالترموس الذي نحفظ فيه السوائل واتذكر امي وهي تنصحني بعدم نزع القميص الذي خاطته لي ليلا وقمت انا وراندي بوضع الاشياء في الباص وعدت الى المطبخ حيث وجدت اختي الكبرى" ريبي تجهز العشاء لأبي وترعى اختى الصغيرة جانيت التي كانت جالسة على الكرسي الصغير العالي المعد للاطفال. لم تكن حياة اختي ريبي "مورين" سهلة لأنها كانت اكبرنا سنا وكنا نعرف انه بمجرد الانتهاء من تأدية اغنيتنا في موتاون فان علينا ان نحدد ما اذا كان علينا ان ننتقل الى مكان آخر او نبقى في البيت ذاته كما نحن فاذا انتقلنا فانها تنتقل جنوبا مع عريسها وكانت هي التي تدير شؤون البيت عندما تكون امي في المدرسة الليلية للدراسة والحصول على الدبلوم الذي لم تحصل عليه بسبب مرضها ولم اكن اصدق بسهولة ان امي راغبة في الحصول على الدبلوم واتذكر مقدار قلقي وهي تضطر للذهاب الى المدرسة مع صبية في سن جاكي او تيتو واحتمال تعرضها لسخريتهم واتذكر ايضا كيف ضحكت عندما ابلغتها بمخاوفي وكيف ردت في هدوء وصبر قائلة انها ستكون مع سيدات اخريات في مثل سنها وكان شيئا مسليا ومثيرا للاهتمام ان تؤدي الواجبات في المنزل مثلما كنا نفعل نحن الابناء . كان تحميل الباص بأمتعتنا اسهل من ايّ وقت مضى وكان المعتاد ان يساعدنا روني وجوني الا ان الموسيقيين في موتاون كانوا هم الذين سيعزفون خلفنا لذلك فقد تقرر ان نسافر وحدنا وعندما دخلت البيت قبل السفر وجدت اخي جيرمين جالسا يؤدي بعض الواجبات ويبدو انه اراد ان يتخلص من اعبائها قبل السفر وعندما رآني قال انه من الافضل ان نتجه الى موتاون بأنفسنا ونترك ابانا لأن جاكي كان قد حصل على رخصة قيادة وضحكنا لكن كنت في اعماقي لا اتصور الرحيل دون ان يكون معنا الوالد وحتى في المناسبات التي كانت امي تقوم فيها بالاشراف على تدريبنا نظرا لتأخر والدي في ورديات الليل بالمصنع كانت امي تتصرف بطريقة ابي ذاتها وكأنه موجود معنا كانت هي سمعه وبصره وكانت امي تعرف ما هو الجيد الذي اديناه في الليلة الماضية وما هو الخطأ الذي وقع اليوم والعجيب انني كنت اجد والدي على علم بما جرى بعد عودته ليلا وتبين لي انه كانت هناك اشارات او رموز معينة بهذا الشأن بين ابي وامي فقد كان ابي يعرف ما اذا كنا قد عزفنا وغنينا بالطريقة التي ينبغي ان يكون عليها العزف والغناء باشارة من امي لم يكن هناك وداع طويل عند الباب ونحن متجهين الىموتاون فقد تعودت امي على غيابنا لعدة ايام وخلال ايام العطل الدراسية وقطبت اختي لاتويا جبينها لأنها كانت تود الذهاب معنا وهي لم ترنا الا في شيكاغو فقط ولم يكن بامكاننا البقاء لفترات طويلة في اماكن مثل " بوسطن" او "فينكس" بحيث تمكنا من احضار اية هدية لها واعتقد ان حياتنا كانت تبدو رائعة بالنسبة لها لأنها اضطرت للبقاء في البيت والذهاب الى المدرسة اما " ريبي" فقد كانت يداها مملوءتان لأنها كانت تحمل اختي الرضيعة " جانيت" وتحاول تهدئتها لتنام الا انها لوحت باحدى يديها وقالت لنا " الى اللقاء". قدنا السيارة الى ديترويت وكنا نعرف الطريق كالعادة لأننا سبق ان توجهنا اليها ومررنا على استوديو التسجيل الذي يمتلكه المستر كيث قرب " سيتي هول" وكنا قد اجرينا بعض البروفات في ذلك الاستوديو بعد ان انتجنا اسطوانة " ستيل تاون" وكانت الشمس تتجه نحو الغروب عندما وصلنا الى الطريق السريع وفتحنا الراديو للاستماع الى موسيقى الخنافس " بيتلز" فيما رحت انظر من خلال نافذة السيارة افكر فيما يمكن ان ينتظرنا من احتمالات . كنت من هواة لعبة " المونوبولي" فهي لعبة تقوم فيها بشراء اشياء كثيرة وتتخذ قرارات حاسمة ووجدت ان حياتنا في ذلك الوقت تشبه تلك اللعبة فقد كنا ندخل في مسابقات ومنافسات مع الغير مثلما يحدث على لوحة المونوبولي حيث تتوفر الامكانيات وتوجد المطبات واخيرا وصلنا الى مسرح ابوللو في هارلم وكان مكانا مناسبا لاستعراضات الفرق الناشئة مثلنا الا اننا كنا في الطريق شمال بوردوول متجهين الى موتاون فهل يا ترى سنفوز في اللعبة ام اننا سنجد الرقعة المكتوب عليها كلمة " اذهب" على اللوحة الطويلة التي تفصل بيننا وبين هدفنا وتطلب منا البدء بجولة جديدة؟ كان هناك شيء ما يتغير في نفسي وكنت اشعر به رغم ارتجافي من البرد في "السيارة " الميني باص" فلعدة سنوات ظلنا نسافر الى شيكاغو ونحن نسأل عما اذا كنا جيدين بالدرجة التي تمكننا من الخروج من مدينة غيري واتضح بالفعل اننا كنا جيدين وبعد ذلك سافرنا الى نيويورك ونحن نعتقد ان عدم نجاحنا هناك سيعتبر طامة كبرى بل ان تلك الليالي التي قضيتها في فيلادلفيا و واشنطن لم تطمئنني بالدرجة الكافية التي تجعلني اعتقد بأنه لا توجد فرقة اخرى نجهلها في نيويورك تستطيع ان تتفوق علينا وتهزمنا وبعد ان نجحنا نجاحا باهرا في ابوللو شعرت اخيرا انه لا يوجد من يستطيع الوقوف في طريقنا وها نحن الآن متجهين الى موتاون ولن يدهشنا اي شيء لم يكن في الحسبان بل اننا الذين سندهش الآخرين مثلما كنا نفعل دائما . اخرج ابي ورقة التعليمات المكتوبة بالآلة الكاتبة من علبة القفازات وخرجنا من الطريق السريع متجهين الى مخرج وودوارد افينيو ولم يكن هناك اناس كثيرون في الشوارع لأنها كانت ليلة دراسية بالنسبة للجميع باستثنائنا نحن وشعر ابي بشيء من العصبية والقلق ما اذا كانت عملية الايواء والاقامة لنا ستكون على ما يرام وهذا ما ادهشني الى ان ادركت ان المسؤولين في موتاون اختاروا لنا الفندق الذي سنقيم به ولم نكن قد تعودنا على ان يقضي لنا الآخرون حاجاتنا فقد كنا نحب ان نتولى نحن جميع امورنا وكان ابي هو الذي يحجز لنا في الفنادق ويحجز تذاكر السفر ويدير كل شيء بنفسه واذا لم يستطع ابي ان يفعل ذلك لظروف خاصة فان امي هي التي كانت تتولى هذه المسائل بالنيابة عنه لذلك لم يكن من العجيب ان تجعل موتاون ابي يشعر ببعض الشك في انه كان من الافضل ان يقوم هو بالاشراف على كل شيء بنفسه . اقمنا في فندق " غوتام" واتضح ان الحجز كان قد تم وان كل الامور تسير سيرا منتظما وكان هناك جهاز تلفزيون في حجرتنا لكن اتضح ان المحطات قد انتهى ارسالها لأننا كنا في وقت متأخر من الليل ونظرا لأن تجربة الاداء الغنائي والموسيقي الذي سنقوم به كانت ستتم في اليوم التالي الساعة العاشرة صباحا فان الوقت لم يكن مناسبا لمزيد من السهر لذلك آوى ابي الى فراشه مباشرة واغلق الباب بالمفتاح وبلغ بي وبأخي جيرمين التعب منتهاه الى الحد الذي لم نقدر فيه على مجرد الكلام. في الصباح التالي صحونا في الموعد المحدد وكان ابي هو الذي اشرف على ايقاظنا والواقع اننا كنا قلقين ومهتمين تماما مثل ابي وكانت تجربة الاداء التي قمنا بها غير عادية لأنه لم يسبق ان قمنا بالاداء في معظم الاماكن والمسؤولون يتوقعون منا ان نكون محترفين ولذلك ادركنا ان الحكم علينا سيكون صعبا. لقد سبق ان تعودنا على رد الجمهور واستجابته مباشرة سواء في المسابقات الغنائية او في النوادي الا ان والدي ابلغنا انه كلما طال مقامنا هناك كلما زادت رغبتهم في الاستماع الينا. ركبنا سيارة " فولكس واغن " بعد ان تناولنا الحليب وبعض الحبوب في المقهى وكانوا يقدمون الينا بعض البرغل مع الوجبة لذلك ادركت ان هناك كثيرا من الاميركيين القادمين من الجنوب " ومعظمهم من الملونيين " ولم يسبق حتى ذلك الوقت ان توجهنا الى الجنوب وكانت لدينا رغبة قوية في ان نزور مسقط رأس امنا حيث كنا نريد ان نستشعر جذورنا القديمة نحن وغيرنا من السود خاصة بعد ما حدث للدكتور " كنغ" واتذكر اليوم الذي مات فيه كان كل فرد قد مزقه الحزن على رحيله وفي تلك الليلة لم نقم بالتدريبات المعتادة وتوجهت انا ووالدتي وبعض الجيران الى قاعة كنغدوم " كنغدوم هول" وكان الناس يبكون وكأنهم فقدوا احد افراد اسرتهم وحتى الرجال الذين كانوا بطبيعتهم غير عاطفيين لم يتمالكوا انفسهم من الحزن لهذا المصاب الجلل وكنت وقتها صغيرا لا ادرك مدى فداحة الخطب لكن عندما عدت بذاكرتي الى ذلك اليوم اشعر بميل الى البكاء من اجل الدكتور" كنغ " ومن اجل اسرته ومن اجلنا جميعا. كان اخي جيرمين هو اول من لمح مكان الاستوديو الذي كان معروفا باسم " هتسفيل يو اس ايه " وبدا المبنى قديما شبه متداع ولم يكن ذلك ما اتوقعه ورحت اتساءل عما يمكن ان يكون موجودا هناك ومن هو الذي كان يسجل اسطوانة في ذلك اليوم وكان ابي قد علمنا كيف نصمت ليتكلم هو كان واجبنا ان نؤدي دورنا الغنائي والموسيقي بأحسن ما يمكن الاداء وبصورة تبلغ من الاتقان والدقة درجة لم نحققها من قبل وكان طلبه عزيزا لأننا كنا بطبيعتنا نبذل قصارى جهدنا في كل اداء لكننا على اي حال ادركنا ما اراد. كان هناك اناس كثيرون ينتظرون في الداخل الا ان ابي ذكر لهم " كلمة السر" فجاء رجل يرتدي قميصا ورباط عنق والتقى بنا واكتشفنا انه يعرف اسم كل واحد منا مما اثار دهشتنا وطلب منا ان ننزع معاطفنا عند المدخل وان نتبعه وراح الآخرون يحدقون فينا البصر وكأننا اشباح ورحت اتسأل عمّا يمكن ان يكونوا وما هي قصتهم وهل كانوا هنا وانتظروا يوما بعد يوم الى ان سمح لهم بالدخول دون موعد ؟ و عندما دخلنا الاستوديو كان احد العاملين في موتاون يجهز كاميرا سينمائية وكانت هناك مساحة مجهزة بعدد كبير من المعدات والاجهزة والميكوفونات واختفى ابي داخل احدى الحجيرات ليتحدث مع شخص ما وحاولت ان ابدوا وكأنني فنان صغير قد اعتاد على مثل هذه المواقف وكيف سبق لي ان اديت ادوارا في مسرح فوكس واعتليت خشبة المسرح التي تعلو وتهبط ولذلك فان وجودي في استوديو " موتاون" ليس الا احد الاعمال المعتادة ورحت انظر حولي واتساءل عما اذا كان من الممكن ان انشئ لنفسي استوديو مثل هذا في المستقبل واشتري مكبر صوت " ميكروفون " مثل ذلك الذي رأيته في مسرح ابوللو وهو الذي يرتفع من الارض الى اعلى وتذكرت كيف انني ذات يوم كدت انكفىء على وجهي وانا انزل جريا على سلم الطابق السفلي محاولا ان اعرف من اين يأتي هذا الميكروفون وكيف يعلو ويهبط ببطء تحت ارضية خشبة المسرح. كانت آخر اغنية عنيناها هي اغنية " من يحبك" وبعد ان انتهينا منها لم يصفق لنا احد ولم نسمع كلمة استحسان ولم اتحمل الموقف فبادرت بالسؤال في نغمة استياء واحتجاج قائلا " ما هذا الذي يحدث ؟" فما كان من اخي جيرمين الا ان اسكتني هامسا " صه" ووجدت ان الاشخاص الاكبر منا سنا والذين كانوا يساعدوننا يضحكون على شيء ما ونظرت اليهم من زاوية عيني لأعرف على اي شيء يضحكون ورأيت احدهم يقول " جاكسون جايف" بدلا من جاكسون فايف" والمعروف أن جايف معناها الراقصون المترنحون يمينا ويسارا اي اننا عائلة جاكسون الراقصة وكانت ابتسامة كبيرة تعلو وجه هذا الشخص وشعرت بالارتباك واعتقد ان هذا ايضا كان شعور اخوتي. وقال لنا الرجل الذي اصطحبنا الى الداخل لأول مرة عند وصولنا " اشكركم لحضوركم ودخولكم الاختبار " ونظرنا الى وجه ابي لنعرف النتيجة من تعبيرات وجهه لكننا لم نر اية دلائل على الاغتباط او أي شئ آخر وعندما خرجنا من استوديو " موتاون" ووجدت اننا لا زلنا في النهار ولم تغرب الشمس بعد وركبنا عائدين الى مدينة " غيري " ونحن نشعر بعبء الواجبات المدرسية التي ينبغي تأديتها قبل التوجه الى المدرسة صباح اليوم التالي ورحت اتساءل عما اذا كان كل ما بذلناه وقمنا به عمل سينتهي بنا الى العودة للقيام بهذه الواجبات ! بعد ايام جاءتنا النتيجة فقد نجحنا في ادائنا الغنائي والموسيقي في موتاون وشعرنا بفرح عظيم واتذكر كيف اجلسنا بيري غوردون ذلك الرجل الموهوب الذي يعتبر من كبار متذوقي الفن الغنائي حوله وقال لنا اننا سندخل تاريخ الغناء واضاف قائلا " انني سأجعل منكم اعظم شيء في الدنيا !" ولن انسى ابدا انه قال لنا " ان مؤرخي الفن الغنائي والموسيقي سيكتبون عنكم في كتب التاريخ " ولن انسى ذلك كله ولن انسى كيف انحنينا امامه لنستمع اليه في اهتمام قائلين له " اوكي .. اوكي" كنا في ذلك الوقت في بيته ولكم تصورت ان ما حدث يكاد يشبه القصص الخيالية الا انه حدث في دنيا الواقع ونحن نستمع الى هذا الرجل القوي الموهوب وهو يقول لنا اننا سنصبح اعظم شأنا وقدرا لقد قال لنا " ان اسطوانتكم الاولى ستكون رقم واحد وستكون اسطوانتكم الثانية وكذلك الثالثة ... ثلاث اسطوانات ستأتي جميعها في المرتبة الولى .. ستضربون الارقام القياسية مثلما فعلت ديانا روس والسوبريم " ولم يكن هذا القول معتادا في تلك الايام لكن ذلك ما حدث فقد انتجنا ثلاث اسطوانات وكانت جميعها في السوق .. رقم واحد!!!. |